يعتبر الاتصال ثم الوجود الشنقيطي في الحجاز قديما جدا وذلك لوشائج الدين مثل ركن الحج الواجب، وفضل الجوار بالحرمين.
وينقسم هذا الوجود والاتصال إلى قسمين رئيسين:
رحلات الحج
وقد بدأت رحلات الحج الشنقيطية إلى الحجاز في وقت مبكر يرجع إلى القرن الخامس الهجري، حيث كانت الحجة المشهورة لأمراء لمتونة نذكر منهم على سبيل المثال: يحيى بن عمر اللمتوني وإبراهيم الكدالي، والذين أسسوا فيما بعد دولة المرابطين.
ثم توالت رحلات الحج بعد ذلك، ومن أشهر هؤلاء الذين أنعشوا رحلة الحج الشيخ سيدي عبدالله الحاج ابراهيم و تلميذه الطالب أحمد ول طوير الجنة وغيرهم.
مرحلة الاستيطان
ويبدو أن هذه المرحلة بدأت تدريجيا إذ أن أقدم ذكر يؤخذ منه وجودٌ فعلي للشناقطة في منطقة الحجاز ما ذكره الزبيدي في كتاب المعجم المختص، أن من شيوخه الشيخ عبد الرشيد الشنقيطي الذي أتى مصرقادما من المدينة المنورة، في شكوى تتعلق بأوقاف المغاربة، وكان ذلك في عام 1198هجري ثم توالى ذكر الشناقطة في الحجاز، حيث ذكر ماء العينين بن العتيق في رحلته أن للشناقطة وجودا في المدينة المنورة، وكذلك ذكروا في كتاب “مرآة الحرمين”.
ومع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين اشتهرت شخصيات بارزة من الشناقطة من أمثال ول التلاميد الذي سكن المدينة المنورة برهة من الزمن، بنى من خلالها وجودا فعليا وشهرة واسعة للشناقطة.
والشيخ محمد الامين فال الخير الذي سكن مكة المكرمة فترة من الزمن عرف الناس من خلاله الشناقطة فأحبوهم لما كان له من حضور علمي وتربوي في شرق شبه الجزيرة العربية. وقد أنشأ مدرسة شهيرة وهي مدرسة النجاة.
ومثل أبناء ما يابى الذين سكتوا فترة من الزمن في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وقد كان أحدهم مفتي المالكية، وهو محمد الخضير ول ما يابى.
إلى هنا كان الوجود الشنقيطي في هذه المرحلة وجود أفراد أو مجموعات قليلة، ثم مع مطالع الأربعينيات، والخمسينيات الميلادية بدأت تظهر موجة من المهاجرين الذين سيشكلون نواة فعلية للمجتمع الشنقيطي المعروف (بالجالية الموريتانية فيما بعد)، نذكر من مشاهير هؤلاء الشيخ آب ول اخطور، ومحمد مختار الشنقيطي(الأب)، محمد عبد الرحمن الشيباني، محمد الامين ول الصغير، وكوكبة أخرى أسست للوجود الفعلي للشناقطة داخل المملكة العربية السعودية.
وقد شغل هؤلاء الذين ذكرناهم وغيرهم مناصب هامة في دولة المهجر، مما أتاح لهم أن يكونوا قبلة للمهاجرين الجدد إلى هذه البلاد.
كل ذلك وما سبقه كان قبل قيام الدولة الموريتانية المستقلة.
ثم بعد قيام الدولة في أواخر الستينات ومطلع السبعينات وما تلى ذلك، بدأت موجة جديدة من المهاجرين الموريتانيين، والذين سيشكلون ما يعرف اليوم بالجالية الموريتانية في السعودية والتي تعتبر من أكبر الجاليات الموريتانية في الخارج.
ويقدر عددها في الوقت الراهن بنحو ثلاثين ألفا يتوزعون في مناطق المملكة العربية السعودية.
وكتلة هذه الجالية الرئيسية توجد في المدينة المنورة حيث تقدر بنحو عشرين ألف نسمة، وتحتل مكة المكرمة المرتبة الثانية للوجود الموريتاني داخل المملكة العربية السعودية.
وبحكم أن جل أفراد الجالية إنما قدموا أساسا بدواع دينية كالجوار، فنجد أكثر ما يزوالونه من أعمال في المجالات الدينية والتعليمية، مثل الإمامة والخطابة والتدريس في الجامعات والمدارس وحلقات تحفيظ القرآن، وتوجد مجموعة أخرى تزاول التجارة الصغرى (البقالات) (المحال التجارية الصغرى)، وأخرى تعمل في مجالات خدمية كالعمال في المحال التجارية والسائقين…الخ
كما توجد مجموعة أخرى في حكم العاطلين عن العمل مثل كبار السن والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.
ويجدر بالذكر أن هذه الفئة الأخيرة (فئة العجزة والمرضى) قد التفتت إليها الدولة الموريتانية في السنتين الأخيرتين بإدخالهم في برنامج معونة استفاد منه بعضهم. وينتظر البعض الآخر أن يدخل في ملف المعونات من جدبد.
يشكل الشباب النسبة الكبيرة من تعداد الجالية الموريتانية، ويواجهون مشاكل حقيقية في التعليم والعمل ويتطلعون إلى أن تصل أصواتهم إلى المعنيين داخل الوطن كي يعينوهم في استكمال دراستهم، وفي تكوينهم كي يكونوا مؤهلين لسوق العمل، كما يتطلع هؤلاء الشباب أن يصل صوتهم من خلال أندية ومكاتب الجالية مثل النادي الموريتاني للجاليات الذي يعول عليه الشباب الموريتاني في المملكة العربية السعودية أن يوصل أصواتهم ومعاناتهم للمسؤولين في الحكومة الموريتانية.